شباب بسمة أم شباب القهاوي … بقلم الدكتور رضا عبدالسلام

شباب بسمة أم شباب القهاوي؟
بقلم : رضا عبدالسلام
أكثر المشروعات نجاحا في مصر الآن، مشروعات القهاوي والكافتيريات…
وهبنا الله عيونا نرى بها الزحام الشديد على القهاوي في كل شارع وحارة…كما يقولون صار بين كل قهوة وقهوة…قهوة.
جل مرتادي القهاوي في زماننا هذا من الشباب..الذين يسهرون على تلك القهاوى حتى ساعات متأخرة من الليل، يقضي ليله بين شيشة يدخنها ومشاريب وشطرنج…الخ.
حاول أن تستمع إلى حوارات هذا الشباب الذي يحمل أكثر من موبايل وفي فمه السيجارة والشيشة، تراه ناقما على البلاد والعباد وغير راضِ عن شيء أو عن أحد رافعا حاجبا ومنزلاً الآخر…الكل في نظره على خطأ وهو الوحيد على صواب!!
يلوم الدولة ويلوم الحظ العثر الذي جعله عاطلاً أو من أبناء هذا البلد…ويعتمد كل يوم في سهرته على مصروف من الوالد أو الوالدة أو من ميراث يسارع للقضاء عليه.
قبل أن يبادر أحدا بتوجيه أي اتهام أو نقد أحترمه طبعا…أقول…نعم هناك فشل – ولا أقول قصور – في سياساتنا التعليمية والاستثمارية…وهذا الفشل ميراث لسنوات، وكلنا نعي ونعلم هذا جيدا…ولا يمكن أن نجمل الصورة لأننا نحترم أنفسنا قبل كل شيء…ولهذا على الدولة ومؤسساتها القيام بدورها الذي ينتظره المواطن والوطن.
ولكن السؤال لتلك الملايين التي تسهر على القهاوي حتى نور الصباح وتقضي يومها نوما…ماذا قدمت أنت يا من تلوم الوطن والحظ والدنيا؟
هل اجتهدت؟ هل حاولت؟ هل صبرت على عثرات الزمن؟ الحقيقة يا عزيزي…كان نفسك قصير فأخذت الطريق السهل وجلست تلوم حظك وزمنك…ولو سألت أي مبدع أو رجل أعمال كبير سيشيب شعرك من قصة رحلته.
وبعدين…ألا تشاهد معي الشباب السوري الرائع… الذي ابتلع السوق وأجلسك على القهاوي تلوم الزمان؟ لماذا نجح هو وفشلت أنت؟
علمتنا تجارب الحياة أن المعاناة هي التي تصنع الرجال…أنا شخصيا ما من عمل إلا واشتغلت به منذ أن كنت طفلا في القرية، ولهذا علمتنا تلك التجارب أن نصبر ونحتسب ونتحمل عثرات الدهر.
على النقيض من الملايين من شبابنا المغيب، شرفت بالأمس بزيارة دار بسمة لإيواء المشردين بمدينة الزقازيق…والله بحق هذا الأيام المباركة …انشرح صدري وشعرت بالأمل في بكره.. لأكثر من سبب:
الأول: هو أن الدار تحتضن المشردين من كافة أرجاء الجمهورية…المشردين هم من يفترشون الشوارع لأهل ولا بيت لهم…وهؤلاء نراهم في كل مكان…يقوم شباب جميل وإيجابي بـأخذهم ورعايتهم وتطبيبهم…الخ.
الثاني: أن القائمين على هذه الدار هم شباب من خيرة زهور مصر…لم أرى كبيرا بينهم…فكلهم من الشباب والفتيات في سن العشرين…بل وجدت بينهم طلابا في جامعة الزقازيق، وهم أساسا من الصعيد!!! متطوعين للرعاية والسهر على راحة هؤلاء المشردين.
كان بإمكان هؤلاء الشباب الذين شرفت بزيارتهم والتعرف عليهم في مؤسسة بسمة لإيواء المشردين أن يلعنوا زمانهم وأن يقضوا وقتهم في أنس على القهاوي والشيشة…ولكني وجدت وجوها وضاءة وقلوباً صافية وحالمة بوطن أفضل.
شتان بين هذا الشباب الأمين المخلص المحب لوطنه بحق والإيجابي وشباب السب واللعن وانتظار ضربة الحظ…بارك الله في شباب دار بسمة ومن هم على شاكلتهم من شباب الأمل والخير في مصرنا الحبيبة.
أما شباب الكافتريات والقهاوي والشيشة فأدعوهم للسعي والاجتهاد والصبر…فقط أقول لهم إسألوا أي نموذج عظيم في مصر عن رحلته قبل الغني ستعرفون منهم أن الرحلة ليست سهلة وإنما تتطلب جهدا وعرقا وصبرا…وفقكم الله…ودمتم بألف خير.

اترك تعليق