ذوي الإعاقة بين المحسوبية و تدهور الأوضاع المعيشية

كتبت : مروه الحسيني

تكمن أهمية هذا البحث فى الاَتى :- بلغت نسبة المعاقين فى مصر حوالى ستة مليون معاق عام 1992، وقد وصل عددهم عام 1997 إلى (7) مليون معاق تقريباً، وبالنظر إلى تلك التقديرات يمكن التعرف على حجم مشكلة المعاقين فى العالم عامة وفى مجتمعنا خاصة ولذلك أصبح من الضرورى الاهتمام بمشكلة المعاقين ومسبباتها حتى يمكن المشاركة فى حل هذه المشكلة عن طريق إدماج هذه الأعداد مع الأسوياء فى مختلف المجالات خاصة بعد تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن عام 2018 سيكون عام “ذوي الاحتياجات الخاصة”.

مرت شهور من تدشين السيسي  لذوي الاحتياجات الخاصة حيث نظمت وزارة المالية مؤخراً ندوة تثقيفية من اجل الالتفات الى هذه الشريحة التي وضعت لها قانون خاص سنة 1992يضمن لهم الحقوق ، في الدول العربية يعانون الاهمال والحرمان وعدم تطبيق القوانين التي تنصفهم . اذ لا زال التهميش والحرمان يلازمهم دون الالتفات من الحكومة إلى جانب المزايدات الانتخابية والمؤتمرات الحزبية والدعاية الانتخابية ، وحتى وزارة التضامن الاجتماعي لم تحسب لهم الحساب وتوفر لهم  أبس الحقوق… كتوفير طرق سالكة، عبور الشوارع وفتحات نظامية للعبور خصوصا أن اغلبهم يسيرون بعربات، دراجات متحركة ويصعب عليهم تجاوز تلك الأرصفة و الحواري الضيقة أسواً بالأصحاء. في ظل تزايد الأعمال الإرهابية والعمليات العسكرية التي تسببت بسلب المواطنين  لحقوقهم من الحياة الآدمية المستقرة. اذ تشير الإحصاءات الى ان عدد المعاقين في مصر يزيد عن( 15مليون) معاق إلى  يومنا هذا.

عشرات المعاقين يراجعون دوائر وزارة التضامن الاجتماعي على الرغم من عوقهم الشديد فهم لايحصلون على راتب من وزارة التضامن الاجتماعي والشؤون الاجتماعية رغم ترويهم اكثر من معاملة لكن اليأس جعلهم ان لا يعودون لمراجعة دوائر الوزارة المعنية والتي لا تهتم لهذه الشريحة ، فيما لم تستجيب وزارة المالية وتضع التخصيصات المالية المناسبة لهذه الشريحة المهمة واستثنائهم من شروط الموازنة ، وحتى منظمات المجتمع المدني فهي غير فعالة ولا تعمل لهذه الفئات وهناك تقاطعات ومصالح شخصية على حساب مصلحة هذه الشريحة المظلومة . هذه الشريحة بحاجة للتأهيل النفسي والرعاية الخاصة وهناك قوانين دولية توصي بالاهتمام بهم وتوفير سبل العيش “الكريم” لهم .

 

 ان الوضع النفسي للمعاق غالباً ما يترك أثره السلبي على حياته و حياة ذويه ، ودائما ما يوصون الاطباء النفسيين بالرعاية والاهتمام وتوفير ما يحتاجه المعاق ، يجب ان تتعدى نظرة الناس الى المعاق الشفقة والعطف، ومساعدته على مواجهة مصاعب الحياة بدرجة تجعل المعاق لا يشعر بنقص داخلي، فضلا عن وجود العطف من اجل الشد من أزره ومساعدته على مواجهة مصاعب الحياة وتجاوز المحنة، اذا ما عرفنا ان من يصاب بهذه الإعاقة بشكل مفاجئ يصل الى حالة نفسية صعبة تفقدة السيطرة على أعصابه وتمشية امور حياته، ما بالكم بمن ابتلى بتلك الاعاقات منذ ولادته!!.

 مع كل الاسف نجد الكثير ممن لا يراعون أبنائهم وإخوتهم من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يصابون بانتكاسة نفسية بسبب ذلك الإهمال علاوة على اعاقتهم الخارجة عن ارادتهم مما يزيد من إحباطهم و الحد من عزيمتهم. يجب على الجهات المسؤولة الترويج لضرورة اهمية عقد دورات توعية صحية خاصة بحقوق المعاقين أهمها العلاج والتعليم و الدمج الاجتماعي و كذلك الوعي المجتمعي، و على النظر في حاجاتهم وقدراتهم الكامنة التي قد لا يملكها الإنسان الغير معاق فهو لا يحتاج الى الأدوية والعلاجات فقط، ومع الأسف المراكز التأهيلية للمعاقين في وزارة الصحة لم تقدم اي شيء للمعاق ولا للمراكز التي تؤهل هؤلاء المعاقين وحتى الاطراف الصناعية فهي مرتفعة الاسعار في القطاع الخاص وشحيحة جدا لدى دوائر وزارة الصحة .

 أرى وجود قدرات ذهنية عالية للمعاقين ومنهم من لا يتأثر بهذا العوق ويواصل مشوار الحياة ربما تكون فرص الرجل المعاق في الحياة اكثر من فرص المرأة و منهن من يصررن على مواصلة الحياة والدراسة حتى يصلن الى الجامعة ويتخرجن لكنهن يظللن حبيسات البيوت دون عمل او تعيين، لم يكن العوق الولادي الذي اصاب بعضهن حاجزاً أمام مواصلة حياتهن ، و لكن الإهمال الحكومي و الاجتماعي لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة أكثر وجعاً من العوق. ودائما ما يدعون الخبراء وعلماء النفس الى ضرورة الاهتمام بهذه الشريحة التي يمكن ان تقدم الكثير في قطاعات الحياة المختلفة خصوصا ان الوقت الحالي يعتمد بشكل كبير على القدرات الذهنية والعقلية والمواهب الاخرى ولا يشكل العوق مانعا امام الطموح ومن يروم العمل ومواكبة ظروف الحياة بشتى المجالات . اذ تقول أحد المعاقات في مصر ان مصر لا تمتلك نظاما لتأهيل المعاقين وتوفير فرص العمل لهم وجعلهم ينسجمون مع المجتمع ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي، مشيرة الى أن الكثير من المعاقين لديهم مواهب مميزة، إلا أنها لم تستثمر من قبل الدولة أو المجتمع المدني. مضيفة أن الكثير من المعاقين هم أصحاب شهادات عليا، وهناك نساء معاقات يبدعن في الخياطة والتطريز والحياكة ومهارات استخدام الكمبيوتر بطرق متطورة مثلي، والكثير من المعاقين لديهم مهارات عالية في الحرف اليدوية كالحدادة، لكن فرص الاستفادة من هذه الطاقات ضعيفة جدا .

و ترى من جانبها وجود ( 15مليون معاق) في مصر هو عدد كبير ويجب ان يحظى بالرعاية والاهتمام وبالمشاركة السياسية الفعالة حتى ولو( بالكوتا ) تقدر إحصاءات لجنة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة (الهندر انترنشنل) بوجود (15مليون معاق في مصر) لا يأخذون دورهم في المجتمع وفي عملية إعادة بناء الفكر الحديث و تصحيح المنظور. منوهة الى اتفاقية دولية للإعاقة أقرتها الامم المتحدة عام 2008 والتزمت بها ( 175 ) دولة، وان مصر انضمت لها مؤخرا. مؤكدة حاجتها الشخصية للإسراع بقرار تشكيل الهيئة الوطنية التي تدرس حقوق المعاقين، والتي ستأخذ على عاتقها متابعة وتوفير ما يحتاجه الانسان المعاق في مصر من صحة وتأهيل وتعليم وسكن ونقل وعلاج وتوفير فرص العمل وتمكين الأشخاص المعاقين إكمال الدراسة مع دمجهم في المجتمع، موضحة ان هذا ما نص عليه القانون الجديد التي تنص على رعاية المعاقين و التكفل بحقوقهم و كذلك تأهيلهم و دمجهم في المجتمع. فالأهم دائماً من وضع القوانين هو تطبيقها و ممارستها مدنياً مع الحث جانباً إلى جنب بالوعي و الدمج المجتمعي.

كل أُمنياتي بالعافية و القوة لأصحاب العزم  في كل مكان..
مروه الحسيني

اترك تعليق