بعد وقائع الاغتصاب والتحرش المتكررة.. طبيب نفسي يفسر هذه الظاهرة ويقدم الحلول

حوار : اماني ياسين

أعادت حملات التواصل الإجتماعي مؤخراً قضايا الاغتصاب والتحرش الجنسي إلى واجهة النقاش، والتي ضجت بهم مصر خلال الايام الماضية وأبرزت افتقار ضحايا الاعتداءات الجنسية لملاذ آمن على أرض الواقع، استبدله الكثير بالتنديد وإظهار الحقيقة من خلال واقع افتراضي إلكتروني ، وللتحرش اذي نفسي عميق ومترسخ في شخصية من تعرض له علي مر السنين ، كما ان له مدلولات نفسية توضح شخصية المتحرش ودوافعه التي جعلته يقدم علي هذا الفعل المشين.

وقد عانت محافظة الدقهلية الأمرّين من وقائع الإغتصاب والتحرش المتكررة خلال الفترة الماضية ، التي شملت قضايا اغتصاب وتحرش شهيرة كالطفلة امل وفتاة رأس السنة وغيرها .. ومروراً بقضايا التحرش بأطفال وهتك العرض ..

ومن هنا التقت “المنصورة توداي” بالدكتور : محمد الوصيفي استاذ مساعد الطب النفسي وعلاج الادمان بجامعة المنصورة ، ليلقي الضوء علي أسباب انتشار هذه الظاهرة في الاونة الاخيرة ؟

وهل هي مرض نفسي يتوجب علي الشخص اللجوء للعلاج ؟

تعريف التحرش والشخص المتحرش: يشرح لنا الدكتور محمد الوصيفي مفهوم التحرش بأنه محاولة انتهاك خصوصيات الآخر سواء بشكل لفظي او جسدي او حتي ايذاء عاطفي ، اما الشخص المتحرش فهو الذي يعاني من بعض الاضطرابات النفسية واختلال التفكير مما يدفعه الي عمل تصرفات غير ملائمه للواقع دون الشعور بالذنب وهو مايسمي في علم النفس ب “خلل تقييم الذات ” وهو نتاج تعرض هذه الاشخاص اما لتحرش لفظي او جنسي منذ الصغر او بسبب مشاهدة الافلام الاباحية والمشاهد العنيفة بأفلام الحركة او مشاكل اخلاقية .

سمات الشخص المتحرش وداوفعه من منظور نفسي : واشار الوصيفي الي مجموعة من السمات الشخصية التي يتصف بها الشخص المتحرش مثل : النرجسية ، والسيكوباتيه ، وايضاً شخص معادي للمجتمع . فقد يري هذا الشخص بأن هذا الفعل هو اثبات لرجولته وفرض سيطرته علي الانثي كفريسة واذلالها بهذا الوضع المشين هو ما يراه تميز واضافه لصفاته الذكورية .

كما ان للادمان الدور الاكبر في دفع هذه الاشخاص الي القيام بالتحرش ، فحسب تقديرات صندوق علاج الادمان يوجد عدد “مليوني ونصف المليون “مدمن في مصر بالإضافه الي التعاطي المنتشر بين الشباب في ايام الاعياد والمناسبات والعطلات ، وهو ما يجعل الشخص غير مدرك لتصرفاته فتحفزه المخدرات علي القيام بأفعال يراها رجوليه وهي في الاصل حيوانية .

كما ان هناك بعض الامراض النفسية التي انتشرت بين فئة المتحرشين مؤخراً خاصةً ممن يسكنون الشوارع او الا شخاص البلا مأوي كالفصام وخلل القدرات الذهنية . وهو يشمل جميع الفئات العمرية سواء من المتحرش او الضحية فيمتد ليشمل الاطفال والنساء والمراهقين وكبار السن .

كيف نواجه هذه الظاهرة:

١-دور الاسرة: يؤكد الوصيفي علي اهمية اعداد النشأ الصغير وهنا يأتي دور الاسرة التي تحمل علي عاتقها الدور الاكبر في التصدي لهذه الظاهرة من خلال بعض الخطوات

: – لابد ان يجيب الابوين علي اسئلة اطفالهم المتعلقه باعضائهم التناسليه دون الشعور بالخجل او التضييق مع شرح مفصل لوظيفة هذه الاعضاء التي رزقنا بها الله ليمتد النسل ونعمر الكون .

– التوعية الجنسية وادراك الهوية الجنسية للطفل منذ الصغر والحفاظ علي خصوصية الطفل فلا يجوز له تغيير ملابسه او الاستحمام امام غيره ، او اجباره علي تقبيل الاقارب . –

بناء علاقة صداقة قوية بين الطفل و والديه يستمع فيها الاباء لاطفالهم ومشاعرهم تجاه الجنس الاخر وما تعرضو له خلال اليوم من مضايقات خاصةً في فترة المراهقة ومساندتهم في حالة حدوث تحرش لهم وبالطبع عرضهم علي طبيب نفسي للتعامل مع هذا الاذي النفسي .

– الرقابة الالكترونية علي الاطفال بعمل اوقات محددة للجلوس علي الانترنت وحجب المواقع والتوعية بعدم التحدث مع اشخاص خارج محيط الاصدقاء او ارسال اي بيانات خاصة او صور ،فهناك دراسة بريطانية توضح ان التحرش الالكتروني ٣٣٪؜ من اجمالي التحرش حول العالم وهناك العديد من الفتيات والاطفال يتعرضون للابتزاز والتشهير .

– عدم تطبيق سياسة العزل بين الاطفال من الجنسين مما ينتج عنه شغف الاكتشاف للجنس الاخر خاصة في مرحلة المراهقه واللجوء الي المعلومات الخاطئه التي يستمدها من الانترنت او اصدقاء السوء او الافلام الاباحية ، فلابد للاسرة ان توضح لابناءها حدود العلاقة بين الولد والبنت مع غرس القيم الدينية والاخلاقية وليس بالعزل بينهم .

٢-دور المجتمع والدولة : – لابد من عمل حملات توعية كالحملة التي اقامتها جامعة المنصورة تزامناً مع واقعة التحرش بفتاة رأس السنة .

– عمل دورات تدريبية بالمدارس والجامعات بكيفية الدفاع عن النفس ضد هذا النوع من الافعال المشينة – نشر الامان والقيم الدينية والاخلاقية بين النشأ وضرورة الكشف عن المتحرش والتبليغ عنه في حالة الحدوث .

– وايضاً للدولة دور هام في سن وتطبيق قوانين رادعة للمتحرش فقانون التحرش تصل عقوبته من ٦ اشهر الي خمس سنوات وغرامة مادية قد تصل الي ٥٠ الف جنيه ولكن هناك صعوبة بالغه في تطبيقه واثبات الفعل علي المتحرش لذلك لابد من تزويد الشوارع بكاميرات مراقبة مع ضرورة وجود ارقام خاصة بنجدة التحرش ، والأهم هو تأهيل المتحرش بعد قضاء فترة عقوبته بضمه لدورات تأهيليه وعرضه علي طبيب نفسي لتقييم حالته النفسيه والتعرف علي دوافعه .

هل يعد التحرش مرض نفسي ؟ ومتي يتم اللجوء لطبيب؟

-ويؤكد الوصيفي علي أهمية عرض الشخص ممن لديه ميول للتحرش او سبق له وقائع تحرش الي طبيب نفسي لأنه قد يكون مصاباً بإضطرابات نفسية مترسخه منذ الصغر نتيجة التعرض لايذاء نفسي لم يتم التعافي منه ، او نتيجة تعرضه لعنف اسري او تربية خاطئة قائمة علي التقليل من شأن المرآة واباحة ايذائها كنوع من فرض السيطرة عليها .

وأضاف الوصيفي ، هناك ايضاً بعض الحالات المدركة للعقوبة القانونية والا خلاقية لهذا الفعل المشين ولا تستطيع السيطرة علي دوافعها تجاهه ولذلك ينصح فورا بتوجههم الي طبيب نفسي لتقييم مدي الخلل الفكري والنفسي لديهم وعمل جلسات متتاليه تأهلهم نفسياً من التخلص من هذا الاضطراب.

التعليقات متوقفه